مسرحية " مونو مانيا "/ للكاتبة العراقية سحر الشامي/ تقديم وقراءة للناقد قاسم ماضي زغير / ديترويت / ا
- وهاب السيد
- 8 مايو 2020
- 3 دقائق قراءة
الخوض في بواطن النفس البشرية من خلال شخوص تنبض بالحياة. الدراما هي فن من الفنون الإنسانية، وبما أننا نتحرك ضمن محيط إنساني نحاول جاهدين رسم دلالات وبواطن هذه الدراما عبر آليات عديدة . والذي تفحص هذا الفن وأقصد " الدراما " إنها تحتضن العديد من العلوم الإنسانية ومنها علم النفس ، فجاء هذا النص الإبداعي الذي كتبته القاصة والكاتبة " الشامي " وهي تغوص في واقع المجتمع العراقي عبر حوارات معمقة وفلسفية أرادت منها أن تنسج هذه الحكاية عبر شخصيات ظلت تلازمها في مخيلتها ، وكأنها باحثة نفسانية من خلال شخصية " الطبيب النفسي " الذي يدرس السلوك الادراكي والمعرفي للانسان . وهذا الصراع يتمثل في عجز الفرد على حل المشكلات أو تجاوزها . وظلت الكاتبة تشتغل على هكذا نصوص بالرغم من معاناتها ووضعها الصعب وهي تعيش في مدينة الثقافة والابداع ولم يلتفت إليها احد من المعنيين بالشان الثقافي والأدبي. والمسرحية من فصل واحد ولغتها التي كانت معبرة بكامل دلالاتها عن شخوص أو لنقل ابطال العرض ، لأن الكاتبة " الشامي " حاولت المزج بين الدراما وعلم النفس كنوع من أنواع الفنون ، وعلم النفس كأحد العلوم التي تتعامل مع تشريح النفس البشرية نجده متمثلا في المصطلح الذي يسمى " اليسكودراما " فهي جادة بإيجاد شخوصها ومحاولة منها تف ريغ انفعالات الفرد ومشاعره من خلال تمثيل أدوارها وعلاقتها بالموافق ، ويبدو الهوس العميق الذي استغلته الكاتبة " الشامي " بعد عناء طويل وقراءة للكثير من المصادر في علم النفس لترسم هذه الشخوص وهم ابطال المسرحية ، حيث حركت جميع الشخوص ضمن إطار فكري فيه احتدام بين هذه الشخوص متمثلة بشخصية " الرجل " المصاب نفسيا من جراء الضغوطات المجتمعية المتمثلة بالسلطة وما يحيطنا من مخبر سري ، فكانت شخصية " الباحثة الاجتماعية " التي الشخصية المريضة والمهوسة بحب السيطرة والتحكم برقاب الناس ، والتي أرادت منها الكاتبة أن تجعلها مصدر قرار وهي تبعث من شخصيتها القلق والخوف والأسى الى الأخر الضعيف ، وهنا يأتي الحوار العميق الصادر من " الشامي " وكأنها تريد أن تفحص عبر من منظارها الفلسفي والفكري هذا الكم المترأكم على ذاتها الذي يلفه ما يحدث من رجال السياسية وما فعلوا في البلاد . " أي مجنون يستعيده عقله بعد فقدان دام ثلاث أعوام " إذن تاخذنا الى عوالم أخرى مشبعة بالضيم والقهر والظلم حتى فقدنا عقولنا من خراتيت هذا العصر الذين تولوا قيادة البلد ، وان هذا الشعب المسجون من خلال " مليشيات " مدعومة برجال من السلطة، فجاءت شخصية " الرجل " وهو ضحية من ضحايا هذا المجتمع الذي يعاني الأمرين، هكذا خاطبت قارئ النص موضحة عبر آلياتها التي نسجتها أن محرك الحياة هو الشر ، الذي ترفضه الكتابه " الشامي " جملة وتفصيلا . مونومانيا نص يحاكي الواقع بأسلوب رمزي اختارت الكاتبة المسرحية سحر الشامي عنوانا فتنازيا لنصها المسرحي الجديد وهو مونو مانيا الذي يتحدث عن مشهد في مصح نفسي مهمته تأهيل المرضى النفسيين حيث تدور الحكاية بين شخصية الباحثة التي تحمل صفات التسلط والطبيب النفسي والمريض النفسي وتشتبك العلاقة بين هذه الشخصيات ضمن مواقف موضوعية ومفارقات يمكن للقارئ أن يستنبط منها ما مفاده أن من يملك السيطرة في معادلة العلاقة بين القوي والضعيف قادر على تغيير بوصلة الأحداث وتغييب الصوت الرافض له عبر وسائل مختلفة ومنها المصح النفسي الذي يرمز الى الإقصاء والتهميش والإلغاء وقد حاولت الكاتبة من خلال الحوار إبراز ذلك الصراع بشكل بسيط وببعد فنتازي يجمع بين الواقع والخيال وبلغة حوار بسيطة ويمكن القول أن هذا النوع من النصوص يمكن تملك إمكانية التأويل اذا ما رأى النور على خشبة المسرح ويمكن قراءته من خلال زوايا مختلفة لها علاقة بتعقيدات الواقع المعاصر الذي نعيشه حيث الصراع بين المجتمع ومؤسسة الحكم كما يمكن قراءته ببعده الاجتماعي الواقعي او ببعده الرمزي ويبقى هذا النص المسرحي الموسوم مونو مانيا هو خطوة لاجتياز حاجز النار لتكريس تجربة مسرحية ناضجة تنتمي لراهننا المعاصر ومشكلاته وهمومه ونمط شخصياته وإيقاعه القلق . كل التوفيق للكاتبة سحر الشامي سعد السعدون
Comments