الفنان التشكيلي العراقي أنور جميل الواسطي وتداعيات تغيير ملامح اللوحة التراثيةأسلوبٌ متميزٌ وخيالٌ

ومن خلال تتبعي لمسار الفنان التشكيل أنور جميل الواسطي ولعدة سنوات وأيضا من خلال كتاباتي المتعددة عنه، أصبح يقينًا لي أنه قد امتلك اسلوبًا متميزًا لافتًا وباتت قدرته على التجسيد أكثر إبهارًا.

ويبدو هنا التوازن بين الشكل واللون وربما التطرف نحو الإبراز اللوني في محيط اللوحة لدرجة التعتيم حيث اختفى الحوذي وبدا خياله وامتداد ذراعيه واختفت أيضًا المعالم الخلفية وهذا يذكرني بأسلوب الرائد المرحوم فائق حسن الذي يبدو تأثيره المبهر واضحًا.

والنتيجة تجسيدٌ مقتدرٌ لامرأة تهمُّ بالنزول. تعتيمٌ خلقهُ التركيزُ اللونيُّ في المحيط يقابلهُ تجسيدٌ لافتٌ لابد أن نركزَ عليه حيث سيطرَ على كاملَ مساحةَ الإبهار، وهذا ما يقصده فنانُنا المُبدع. ونلاحظ القدرةَ على خلق الانعكاس اللوني الذي انسجمِ مع ترقبِ حركةِ العينينِ وكأنها تبوحُ وتقول: ها إننا قد وصلنا، ولكن إلى أين؟

ونتساءا: هل يمكن لإمرأة بغداديةٍ أن تبدوَ بهذا الزيِّ الذي يبدو فاضحًا في زمنِ العربةِ والحصان؟ لم تكن ذاهبةً لبيتها، وهذا غيرُ منطقيٍّ لنفس السبب، وعليه واعتمادًا على حركة الجسد، أنها ذاهبةٌ لموعدٍ معينٍ، والذي ينزلُ وبهذه الحركة، ينظرُ إلى الأسفل. وعندما نحاولُ تطويرَ أيِّ موديلٍ لابدَّ من دراسةِ كلِّ الاحتمالات التي تعطي تعارضًا contradiction والتي قد ينتبه اليها الناقدُ أو أي متابع لحركة المجتمع ضمن حقبة زمنية محددة. وعليه لابد من الصِّدق في عكس واقع ما، لكي لا يبدو تشويها distortion لأنه يساهم في توثيق حركة المجتمع كما الشعر على مر العصور والأدب بصورة عامة. لقد أبدع الفنانُ أنور جميل الواسطي في تجسيدِ الفتاةِ التي بدت وكأن الهواءَ يحملها، وقد أضافت حركةُ ثوبِها الذي كشفت عن جزء من مفاتنها جمالًا لافتًا، ولكن هل ممكن لأمرأة قي تلك الحقبة الزمنية أن تلبس ثوبًا بهذا القصر وتكشف جرءً من صدرها في مجتمع عشائري محافظ؟ تساؤل بحاجة لإجابة؟

لقد بدا الحوذيُّ من خلال حركته أنه يتهيأ للإسراع ولم يبدُ واقفًا حيث تُسْحَبُ الذراعانِ نحو صدره، وأيضًا بدت العجلةُ الخلفية في حالةِ سيرٍ أكثر من السكون وذلك لعدم وضوح ما خلفها.

أهنئ نفسي أولًا وأخوتي الفنانين على تواصلِ إبداعاتهِم رغمَ الظروف التي مرَّ بها الوطن الحبيب حيث أثبت الشعبُ أصالتَهُ وتميزًّهُ وغيرتَهُ وحرصَهُ على التطوير وعكسِ الواقعِ بصورةٍ مُبهِرَةٍ ومشرقة وأن نبتعد عن النظرة السوداوية التي تُحبِطُ الهِمَم.

المبدعُ الأخُ والصديقُ والأستاذُ ((أنور جميل الواسطي)) .. تحياتي اليكَ وباركَ اللهَ فيك.

علي البدر

23/6/2022