بين "لوليتا" فلاديمير نابوكوف و"علة" القاص جاسم خلف فلحي حاجزٌ من الوقارِ والحِشْمَة/ قراء علي البدر
- وهاب السيد
- 18 مارس 2022
- 3 دقائق قراءة
بين "لوليتا" فلاديمير نابوكوف و"علة" القاص جاسم خلف فلحي حاجزٌ من الوقارِ والحِشْمَة
التحليل النقدي المختصر لقصة "ألعلة" للقاص جاسم خلف فلحي لتفكيك هكذا علة، لقاصٍ نحت كلماتِهِ وصاغ جمله بمنتهى الحذر والتروي فبات النص كمسارٍ ملغوم بتورية وغموضambiguity تنا
وله القاص بصورة حذرة نظراً لحساسيىة معالجة العلة بهكذا نص مقتضب. وقد فسح المجال لنا للتأويل وإعادة صياغة جمله لإظهار المعنى المخفي hidden meaning-
- أريد الطلاق. - ابتسم هادئاً. يد الشيخ اهتدت للعلة تماماً.
ولابد للطلاق من سبب! " نعم....فعلاقته مع زوجته كانت أشبه بالغموض الذي يكتنفه الحياء.". و"كانت واضحة تلك الآلام عليها. تنتابها بين الحين والآخر." تتألم في الليل." ونتسائل: لماذا في الليل تظهر معاناتها؟ وما هو دوره في التخفيف عنها؟ وهل يقدر؟ لن يتركها بالتأكيد فهو " يظل جنبها، يحاول التخفيف والمساعدة قدر الإمكان..". وهنا نلاحظ مدى خبرة وذكاء القاص عندما سرب عبارة " قدر الإمكان..". هناك عدم قدرة إذن وإن جانبنا الوضوح نقول بأن هناك عجزاً في التخفيف عن معاناتها وإن ابتعدنا عن لغة السرد قليلاً فإن sexual dysfunction كمصطلح طبي للعجز الجنسي يكون مناسباً. ".. حاول عدة مرات إلاّ أن الإخفاق يحط عليه على الدوام..". ويبدو أن العجزَ وَلَّدَ فتوراً بين الزوجين، وبدت معاناة الزوجة واضحة وهنا اقترحَتْ إحدى قريباته أن يأخذها للشيخ (مهباد) فهو الوحيد الذي يشخص العلة المستعصية...".
"دخلا على الشيخ الذي اقترب منها. كانت ممددة على السرير. وضع يده على رأسها ثم أبتدأ ينتقل لأجزاء أخرى من الجسد والذي بدا أنه يستقبل تلك اللمسات بإثارة لم تخفِ على الشيخ. وضع يده بيدها. وتأخر، فقد أحست بالدفء وكأنها ترغب أن يستمر. أدرك ما يدور بخلدها فنظراتها أوضحت أحاسيسها. تمادى لتحريك يده بأثارة، وقد أحست .كانت تجيبه بحركات مماثلة." ونلاحظ كيفية استدراج الشيخ لها، ويبدو أنه يمتلك خبرة جيدة حيث أيقن أنه لابد ان تأتيه ثانية ليكمل مشواره. ولمجرد أن طلب رؤيتها غداً "نهضت بقوة غير متوقعة" مما دعى زوجها أن يتصور أن " ثمة تحسن سيأتي بواسطة هذا الشيخ."، خاصة أنها " لم تعاني كما في الليالي السابقة، بل بدت متوازنة.".
وحالة التوازن هذه جعلت زوجها " يشعر بذنب قد بدا واضحاً..."، وبالنتيجة وافق على ذهابها " مع تلك القريبة..." حيث استمر الشيخ بتصرفه و"... كانا لوحدهما في الغرفة وتمادى بتنقلات يده المثيرة....". وعندما نامت في فراشها بالليل، كانت " باسمة مطمئنة وكأنه غير موجود بينما ظلَّ الزوج يتقلب على فراشه ينظر إليها... وفي الصباح الباكر وفرت له الكثير من الوقت والجهد حين قالت: - أريد الطلاق. ابتسم هادئاً وقال: " يدُ الشيخ اهتدت للعلة تماماً..... ".
. وعندما يتقدم العمر تضعف الدوافع بالطرفين وهذا يقع ضمن التوازن الطبيعي للحياة حيث الحفاظ على الكيان الأسري الطبيعي.. ومن دراستي للنص وجدت أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الزوج حيث اتصافه باليأس والبرود الذي أصبح مألوفاً بدلالة إحساسه بالذنب وموافقته الذهاب إلى الشيخ (مهباد). إن هذه الموافقة دلالة على عدم نضج الزوج وغيرته على زوجته، عندما ذهب معها ودخلا غرفة الشيخ الذي جعل الزوجة مستلقية بوجود زوجها الذي لم يبدُ عليه الإشمئزاز والرفض وعليه فقد تمَّ استدراجها وإثارة كوامنها المكبوتهrepressed desires. والغريب في الأمر أنه يوافق على ذهابها مع قريبته لوحدهما في اليوم الثاني. أيُّ غيرةٍ يمتلكها هذا الزوج؟ كان من الأولى أن يراجع هو الطبيب لا أن يكتفي بمراقبة زوجته في الفراش وهو بيأس تام. وعندما قرر الشيخ ان تأتي في اليوم الثاني، تصور الزوج أن " ثمة تحسن سيأتي بواسطة هذا الشيخ."، خاصة أنها " لم تعاني كما في الليالي السابقة، بل بدت متوازنة.". ؟ كان الأولى أن ينتفض ولايسمح بالتمادي واستغلال ضعف الزوجة أمامه والشيخ " ينتقل لأجزاء أخرى من الجسد والذي بدا أنه يستقبل تلك اللمسات بأثارة لم تخف على الشيخ. وضع يده بيدها. وتأخر، فقد أحست بالدفء وكأنها ترغب أن يستمر... وعندما نامت في فراشها بالليل، كانت " باسمة مطمئنة وكأنه غير موجود بينما ظلَّ الزوج يتقلب على فراشه ينظر إليها..."
إن تصرف الشيخ اللاأخلاقي وطريقته بالإستدراج قد ذكرني برواية "لوليتا" للكاتب الروسي (فلاديمير نابوكوف) حيث يستدرج بطل الرواية واسمه (همبرت همبرت)، بنتاً قاصرة بطريقة خسيسة من أجل الوصول إلى نهاية المطاف وهو إغتصابها. وقد اضطر الكاتب إلى طباعتها خارج الإتحاد السوفيتي في وقتها نظراً لإسلوبها الفاضح والمكشوف. والفارق هنا أن الطفلة كانت عنيدة في البداية، وهذا لم نلاحظه في قصتنا هذه مع الزوجة التي "نامت في فراشها باسمة مطمئنة..".. وقد طرح القاص هذه القصة بأسلوب مقتدر ومهذب ولابد أنه تأنى كثيراً في صياغة جمله واختيار ما هو غير مخدش مبتعداً عن أسلوب (نابوكوف) وغيرهم من بعض الكتاب في الأقطار العربية. وللحقيقة أقول أن ألسرد العراقي يتصف دائما بالرقي الفكري والقيمي. ونتساءل: هل أنهى الطلاق وانفصال الزوجين العلة؟ وللإجابة لابد أن نتابع حالة الزوج "بعد أشهر كان في المقهى حين شاهد زفة عرس. كانت عدة مركبات وهناك من قال: لقد تزوج الشيخ من إحدى زبائنه.".. ويبدو أن الزوجة ستواجه علة أكبر مع الشيخ الذي، وكما يبدو، قد تَعَوَّدَ ممارساته هذه . وعند إشباع غريزة معينة لا يعني نهاية المطاف وقد يكون القادم ندماً وتأنيباً للضمير وهذه علة أبدية.
علي البدر/ العراق
Comments