top of page

" تأملات نقدية في إبداعاتٍ عربية "/ للناقد سيد جمعة / مصر ,,,,,,,,,,,,,,,

  • صورة الكاتب: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • 3 أبريل 2021
  • 3 دقيقة قراءة

" تأملات نقدية في إبداعاتٍ عربية "

من كفر الهوى " لــ د . صـــلا ح شـــعــيــر ( مصر )


( يقفُ القارئ كمُتلقٍّ أو باحثٍ أمام عدة مداخل ليلجَ بعد هذه العتبات، ومن خلالها، مُتتبعا للأشخاص الذين اهتم بهم الكاتب ليصحبُونا أو نَصحبَهم في أجواء أعدها الكاتب كاملة وتامة؛ يتحركون فيها تتنازعهم دائما الغواية والميلِ للهوى الطيب أو غيرِ الطيبِ، ومدى قوة أو ضعف هذا التأرجح الذي يعايشونه ومحاولات الإفلات منه أو الاستفادة منه؛ وهذا التأرجح الذي صنعه وحرص عليه الكاتب حرصا شديدا من خلال الأسماء أو الكُنيات التي يُنعتُون بها والمستمدة في الغالب من السلوكيات أو الطبائع التي نشأوا عليها أو تغلبت عليهم، وبفعل هذا التأرجح الذي صنعه وقدمه لنا الكاتب في صورة (ميلودراما) غنية بالمُثير، من خلال الفعلِ ذاته أو رد الفعل، أو من خلال مسرح الأحداث المتغير والمتعدد ما بين القرية ، والصحراء ، أوالبحرِ أو الدول أو المدن،وحتى الأماكن التي يعيش فيها هؤلاء الأبطال في هذه الرواية؛ فالأبطال من خلال أسمائهم أو صفاتهم أو طبائعهم ينقلون ويصورون لنا المكونات الطبيعية للمشهد أو لنقل البيئة التي يتنقلون منها أو إليها، ولقد كان بارعا أو لِنقلْدقيقا في ذلك كله وفي الربط بين هؤلاء الأشخاص والأحداث؛ بحيث يجد القارئُ أو المتلقي نفسه مُعايشا للحدثِ من خلالهم، غير أن الكاتب أحيانا قليلة كان لا يتوارى كاملا عن سياق المشهد، ولا يسهل حصر ذلك لندرتهِ،أو ربما كان هذا مجرد إحساسٍ لديَّ، وذلك من خلال عبارات أو بعض الجمل التقريرية في نهاية الحدث أو المشهد؛ مما يُخرج القارئ من سياقِ الاندماج الكامل في المشهد. ولعل من جماليات الرواية، ذلك البناء المعماري للأشخاص والأحداث، والمكان والزمان، من خلال ربط ذكريات الماضي باللحظة الآنية للحدث (الفلاش باك) لزيادة تقوية الحدث بالمشاعر أو الأسباب الكامنة وراءه، والتي يتحرك بها الأشخاص أو المبني عليها رد الفعل أو الفعل نفسه، وبالتالي التمهيد للتطور اللاحق، فيتمثل التتابع ومنطقيته مع السابق واللاحق، ونحن نمضي تَشُدنا الرغبة في إدراك هذا التالي ولا يعترينا الملل أو شيء من التراخي من فرط اهتمام الكاتب بالربط الحاذق لهذه الأحداث أو التغيرات المحتملة في مواقف هذه الشخصيات تبعا للصورة العالقة دوما بالشخصية من سلوكيات أو طبائع، ظاهرة أو مَخفية، تُظهرها المواقف والمفاجآت، وهي متعددة بتعدد شخصيات ونماذج مختلفة استدعاها من الواقع أو من خلال رحلة رصده لهذا الخلل والاضطراب الذي نال كل مظاهر الحياة، وأهمها كما قلنا وحرص الكاتب عليه، من خلال القيم والسلوكيات المرفوضة والطارئة التي تحدث في مصر الآن، في القرية أو حتى المدينة . وتمثل قصة الحب بين البطلين (الغريب ورجاء) نهر القيم الدينية والفطرية السليمة، وعلى جانبيه أو شاطئيهِ تَنْبتُ وتعيش كائنات كما الحشائش والنباتاتُ العشوائية الضارة التي تكون على ضفتي النهر، والتي تلقي بفضلاتِها لتعكر هذا الجريان المُتدفق من القِدم بقيم وسلوكيات وموروثات سامية أبقت النهر دائما وجهة لمن يتطلع إلى الصفاء والنقاء الكاملين، وهذا النهر الذي يمثله حب العاشقين يَلقى بطبيعة الحال مراراتٍ من هذا التدفق الأحمق والطاغي من هؤلاء الذين يعيشون على الضفتين، وهم يحاولون حصارَه أو تلويثَه ثم تجريفَه بعد تعطنِّه؛ لكنَّ العاشقين من خلال هذا الحب الذى جمع بينهما يفعلون كما فعل (سيزيف) بطل الأسطورة اليونانية القديمة،من محاولات صد ودفاع لا يدركهما التقاعس أو اليأس أو التسليم، بل يجاهدون بكل وسيلة، ليس فقط دفعا للهزيمة أو الانهيار، ولكن لرفع راية الأمل في الخلاص من هذه الطغمة المُضلة، سواء كانت فاسدة بالأصلِ أو بالتغيير الجديد، ومواجهة المحنة المفاجئة بوسائلهم المختلفة التي تتكئ على العلم من ناحية أو الموروث الطبيعي المُتجذِّر في أعماقهم من ناحية أخرى، ومن خلال استدعاء أو الاستفادة من وسائل الميديا كالفيس بوك أو وسائل التثقيف المقروءة أو المسموعة أو المشاهدة، وأيضا عن طريق دحر الخرافات بكشف أسبابها وأسبابانتشارها وسط الموروث الثقافي عبر قرون من الجهل أَطبقت على مصر وشعوبنا العربية بوجهٍ عام، ولعل صورة الغلاف التي طالعتنا بها الرواية تحصر بعض المنغصات كما تحصر اللحظة الآنية، وتوضح خارطة الأمل الهادي للشباب ولمن بيدهم الأمر، بعد حصر وتشخيص الأعراض بهذه الصورة الروائية لعلهم يجدون الوسيلة الناجعة ليمضي النهر، ويعود إلى صفائه ونقائه وطهارته أحداثُ الرواية وصياغتها تأتي كما عودنا المؤلف،محكمة البِنية السردية في تسلسل الأحداثــ زمكانيا ــ ودونما إسهاب مخل أو اختزال يفسد ديناميكية المتابعة، بجانب الحوار وكلمات الأشخاص الطبيعية المتوافقة مع المشهد والحدث، حتى كلمات اللغة العامية لم يلجأ إليها الكاتبُ إلا بالقدر اللازم والضروري والمتسق مع اللحظة؛ وصولا للمعنى الدقيق لتوثيق عفوي وقوى للجملة الحوارية،فالكاتب هنا يحترم لغتنا العربية ويقدسها بإعتبارها لُغة الهوية الأدبية العربية. ... ) . ص 54-55

 
 
 

تعليقات


Drop Me a Line, Let Me Know What You Think

Thanks for submitting!

© 2023 by Train of Thoughts. Proudly created with Wix.com

bottom of page