حكايات الرجل المشعوذ/ قصة قصيرة / للقاصة ابتهال خلف الخياط / العراق ..........
- وهاب السيد
- 5 ديسمبر 2021
- 2 دقيقة قراءة
يحكى أنَّه في زمن مضى و ولّى حاملا معه غرابة أناس عاشوا غرباء وماتوا كرماء كان يعيش رجل عجوز وحيدا في خيمة بعيدة خارج المدينة تبدو البلاهة على وجهه بلحيته الكثة ونظرته التائهة كالباحث عن قطرة ماء في الهواء , يمر كل يوم وسط المدينة بصمت حاملا شعلة نار وهو يتأمل وجوه المارة منذ شروق الشمس وحتى الغروب وسط استغراب البعض واستخفاف الكثيرين , لم يكن يملّ عمله ولا عبارته " لا بد أن أجده . ربما غدا" ثم يعود إلى خيمته وسط السكون حاملا بعض الحصى وبقايا طعام . في أحد أيامه المعتادة ومع مروره وسط السوق علا صوته برنّة غاضبة : هل ممن حولي يكون قد رآه ؟ أبحث عنه منذ سنين ولا أجده , كيف سأكتب ويدي تمسك بالنار؟ كيف سيحيا الماضي دون ضجيجه ؟ متى أجدك يا أنت ؟ لا دوام لروحي الا بك ! التفت إليه أحد الجالسين على الطريق وقد استغرب كلامه. سأل رفاقه: ما بال هذا ؟ هل هو مجنون ؟ لم أنتبه إليه من قبل! أجابه صاحبه: لأنك لاتخرج في النهار فنواديك كلها ليلية .ضحك الجميع ثم أكمل : مرضك أعادك الينا والحمد لله . بقي الرجل مثبتا نظرته على الرجل الهرِّم و قد استهوته الكلمات وغرابتها فقال: أظنه مشعوذ , إنه سبيلهم يتحدثون بلا مفهوم. سأتبعه. قال أحد رفاقه: وهل ستدور معه في المدينة أم ستساعده في حمل شعلة ضوءه السخيفة وسط النهار وكأنه يسير في نفق مظلم. لم يجبه وقام من فوره ليمشي خلفه. وحلَّ الغروب و مال العجوز إلى طريقه حيث خيمته وقد أعياه الصراخ دون مجيب و بقي الرجل يراقبه, يسترق السمع وينظر اليه من شقوق الخيمة فرآه يجلس ويدفن وجهه بيديه ويجهش بالبكاء. كانت الخيمة تخلو من أي فراش..وهناك حفرة وبجانبها فأس . نظرات الاستغراب من كل شيء ألجمته فظل ينظر دون حراك ونسي أن يتنفس فسقط على الأرض مغشيا عليه محدثا جلبةً انتبه إليها العجوز , خرج من الخيمة ونظر فرأى الرجل وقد أُغمي عليه فاستبشر وجهه ولمعت عيناه وقام يحمل بعضا من ماء ليرميه بوجه الرجل فأفاق. قال العجوز: تبعتني إذن؟ رفع الرجل رأسه والدوار في عينيه وقال: من أنت؟ أجابه العجوز بسؤال: هل أنت انسان؟ لم يجبه الرجل والتزم الصمت. فقال العجوز: أنا التأريخ أبحث عن انسان أكتب له فلا أجد وتلك حفرتي أعدها لنفسي لأدفن فيها فيومي قريب. لقد ظننتك انسان !
تعليقات