top of page

دراسة نقدية معمقة في نصوص الشاعرة السورية لميس العفيف / الشاعر هاني عقيل / العراق ...............

  • صورة الكاتب: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • 16 سبتمبر 2022
  • 3 دقائق قراءة

قصيدة النثر بين المعيارية الحداثوية و سقف الابداع المقدس



لايمكن التعاطي مع رؤيا النقد الادبي بمنعزل عن سياق رؤى الحداثة فالنقد هو السبيل لتناول التجربة الحداثية ويجب ان يكون حاسما بطريقة مبدعة في الحكم فهو تعامل مع وعي متفرد له مقاصده ووفق اسس علمية ناهيك عن الروح الشاعرة في النص والتي من خلالها نرى مكنونات النص ورؤية الذات الشاعرة لما حولها وهنا يجب على الناقد ان يتناول قصيدة النثر الحداثية بوصفها شكلا مبتكرا فقصيدة النثر ذلك الشكل الأدبي الطيع الذي يمكن للمبدع ان يبدعه كيفما يشاء نتيجة مايحويه هذا الشكل الادبي من عناصر جوهرية خالدة واخرى يمكن عدها نسبية قابلة للتغيير بشرطها وشروطها حينها تكون قصيدة النثر قصيدة فعلا وهذا لايكون بدون توافر عناصر الخيال والقدرة على استحداث تراكيب جديدة والتوهج اللفظي وثبات شاعريتها وقوتها قصيدة النثر تباينت رؤاها بين مؤيد ومعارض فبين ماقالته الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة وما قاله الكاتب سيد نوفل بوناً شاسعاً من الرؤى الادبية فنازك ترى ان قصيدة النثر بدعة لاشاعرية فيها اما سيد نوفل فيرى ان بحور الخليل ضربا من البداوة وان تحديد الشعر بالاوزان هو تحديد سطحي فهو تحديد للنظم لا للشعر وهنالك من اتخذ منزلة بين المنزلتين فيرى ان الاشكال الشعرية متعددة ومتاحة لكن الابداع واحد حيث لاقيود

وهنا سوف نتناول تجربة شعرية ونتاج حداثوي يستحق ان نسلط الضوء عليه الا وهو تجربة الشاعرة السورية لميس العفيف

*****************************************

أتخذت الشاعرة السورية لميس العفيف قصيدة النثر بوتقةً لتصهر فيها روحها وفكرها ورؤاها الشعرية معززة ذلك بحزن شفيف غلف تجربتها الشعرية حيث الحضور والغياب والموت والحياة استلهام للطبيعة لتحلق بتجليات روحية سيريالية نابذة كل الرقابات التي تعيق الذهن واعطاء مكنونات النفس حرية اكثر لانقول انها مقتربة من الفوضوية لكنها نفخ في الروح بلا هوادة وبلا مسارات مقننة فهي تتنفس الشعر برئة نقية كما نرى في قولها في نصها الموسوم بالحبر السري

ما زلنا نزخرف

أرصفة الحواااار

ونحن سواح

في عالم

الحب

نبحث

عن أهدابنا الضائعة

فوق جفون السهر

المتتبع لتجربة الشاعرة لميس العفيف يرى انها ظلت في كل مراحل تجربتها الشعرية معبرة عن روح التمرد وهذا يتماهى مع رؤى قصيدة النثر المتمردة على كل شكل ادبي سائد معتمدة على فكرة الرفض الشكلي فهي تقدم أنموذجا اعلى للشعر وتبني لغة تتمثل بالايجاب باستيلادها لكل ماهو جديد فهي عبرت عن عالم يموج بالحركة فلم يعد لديها ايمانا بالركون فهي تنظر للحقيقة بانها رؤى متحركة متجددة قابلة للتحولات ايديولوجيا مبتعدة عن ازمة مفهوم الحقيقية التقليدي وبذلك تصل نصوصها إلى التفكيك والهدم وتصل الذاتية إلى البناء وإعادة التركيب

نسطر كل يوم نبض قصيدة

مهزومة

القوافي

وديواناً

نرصد ريعه

لعشقنا المستحيل

نمتطي الزمن الضائع

ونكتب بالحبر السري

على دفاتر النسيم

حلم العصافير

وشهقة الينابيع

وأهزوجة

مخنوقة الحنجرة

تحت

خط

الحياة

ان القيمة إلمعيارية التي نستند عليها في تقييم الابداع الشعري هي قدرة الشاعر على التخطي وخلق سقف إبداعي مقدس يحيط بالنص الادبي ويجعله منتجا ذا سطوة معنوية وهذا مايجعلنا نتخذ من بعض النصوص كنماذج تحتذى ولا ينبغي تخطيها الا ان الامر مختلف مع قصيدة النثر فهي ترفض هذه الرؤية الابداعية وتسعى الى تقديم مفهوما جديدا للابداع فهي تخلق رؤية ابداعية تعي وتتذوق السابق وتهضمه من خلال تفجير اللغة وتثويرها لتقدم فهما مغايرا للابداع بعيدا عن الخطابية المباشرة والتطريبية لميس العفيف من اولئك القلائل الذين قدموا تجربة إبداعية معيارية نستند عليها في تقييم تجربة حداثية لفهم قصيدة النثر ففي مجمل نصوصها نرى انها تقدم مفهوما جديدا للابداع وتخلق رؤاها من خلال تثوير اللغة وخلق تراكبا حداثية تصيبنا بالدهشة كلما حلقنا تحت سقف ابداعها كما نرى في قولها

مازلت أرمم

أشلاء الغياب

أسقي الطريق الفارغ

بانتظاري

ألون خطواتي

بخصب الضوء

تكلس الليل

وشاب من نظراتي

توحد الشراع

في بحر الصباح

أفرد جديلة التساؤلات

هل سيعود ؟

انتظرني

فالسؤال عقيم

انت كالكنز المفقود

انتظرني

كثيرا مانرصد في نصوص الشاعرة لميس العفيف لغة مشهدية تسعى دوما الى ابتكار مفارقة لغوية مدهشة باختزال لفظي مقتربا من البلورية او كما تقول سارة برنار موشورية فلميس تمنحنا ايقاعا مفاجئا بعد ان توغلنا في ايقاع النص الاوحد فتعدد الاصوات موسيقى النبر تمنحنا موشورا متعدد الالوان والاصوات رغم تمركزها حول الذات الشاعرة مخترقة التابوهات نابذة كل حسي وتقريري لجسد بال فهي رؤيا تتوثب داخل القصيدة وتقدم انموذجا خلاقا لمستوى دلالي رافض لفكرة البناء الرتيب وهاهنا نستطيع ان نقول وبشكل مخلص انها تقدم انموذجا جماليا نرصده بين طيات حروفها كل حين فنراها تقول

شربنا نخب الغروب

واعتلينا الصفاء بلا حدود

كسرنا صحون الغمام

لنجلب الحظ للنجوم

يغالون بحقدهم

أرسل لهم

جيشا من الفراش والمنثور

وعلى تخوم غلهم

اسحب بساط اللؤم

اضافت الشاعرة لميس العفيف ملامحا ميزت تجربتها جماليا فهي تمتلك نصوصا ذات ملمح سيريالي فلغتها تتحرك تصاعديا مع الصور المنتقاة بالدهشة داخل النص وفق تراكيب غير مسبوقة وغير مألوفة فجملها الشعرية تتحاور مع الفراغ في تخوم النص ناهيك عن انفتاح النص على إيحاءات لانهاية لها متوازية داخل مناخ واحد فنراها تقول في نصها الموسوم اكذوبة

على صفحة الدنيا

خربشات أغنية

موالها مبتور

تسقي العيون حشرجة

ترصف الضوء

شجون

كم شجرة حوار

اسندت رأسي

ولا فائدة لصوتك

هو خيط محزون

قصيدة النثر لها معايير واضحة وهي ليست عبثية ولها منهجية شعرية والا ماعدت قصيدة لكن على الناقد ان يعي تلك المعايير الحداثية فالقصيدة الحية لاتحتاج الى معيار ثابت بقدر ماتحتاج الى رؤية متحركة تقتفي اثر الابداع فيها لذا كان عصيا التعاطي معها وتنظيرها على من غض قلمه وسقم فكره فلا قدرة له على رصد ابداعها او تمردها

الناقد العراقي

د. هاني عقيل

15/9 / 2022

 
 
 

Comentarios


Drop Me a Line, Let Me Know What You Think

Thanks for submitting!

© 2023 by Train of Thoughts. Proudly created with Wix.com

bottom of page