سينوغرافيا المسرح / مقال للكاتب جبار القريشي/العراق.............
- وهاب السيد
- 24 نوفمبر 2022
- 3 دقائق قراءة
* يجري كثيرا تناول مصطلح سينوغرافيا، وسينوغرافي على لسان المهتمين في شؤون المسرح، لكن معظم عموم الناس لا يفهمون ماذا يعني هذا المصطلح، ولهذا فكرت أن أكتب عنه موضوعا ليس من باب التنظير وإنما شرح بسيط لما يعنيه المصطلح، علّي أفيد به من غاب عنه معناها واقصد السينوغرافيا، مع اعتذاري من اصحاب الاختصاص ان كنت قد تجرات فدخلت مدخلا لم اكن اهلا له، فاني ليس باحثا ولامتخصصا في مجال ابحاث المسرح، وانما لدي محاولات بسيطة في مجال كتابة النص المسرحي. لهذا اقول:
السينوغرافيا.. هي من الاختصاصات الصعبة التي يجيدها قلة من المعنيين في مجال المسرح، والتي تحتاج الى ثقافة ووعي كبيرين، وخبرة وتجربة ومهارة وممارسة عالية لدى السينوغرافي الذي يقع عليه وضع خطة شمولية للعمل المسرحي المناط اليه بعد دراسته المعمقة للعمل من كل جوانبه من خلال اطلاعه على النص المسرحي، وافكار المخرج، وبيئة العرض وامكانات المنتج، وكذلك يتحتم عليه حضور تمارين وبروفات الممثلين، ونوع الجمهور الذي سيحضر العرض، لان كل تلك العناصر هي ضرورية له لكي يبني تصوراته التي على ضوئها يضع خطة العمل.
ولكي نفهم دور السينوغرافي لابد ان نعرف ماهي السينوغرافيا من خلال الاطلاع على تعاريف بعض المختصين في مجالها.
كلمة سينوغرافيا،«أصلها يوناني، وتعني البيئة المكانية للعرض المسرحى، ومايحتوي من منصات، عناصر منظرية، إضاءة، موسيقى، مؤثرات خاصة».
«والسينوغرافيا ليس بالضرورة ان يقوم بها مصمم واحد في عمل واحد، فقد يتولاها عدة مصممون مختصون في مجالات مختلفة كل حسب اختصاصه». كما يؤكد ذلك (محمد عزام الجراح) في مقالته التي ترجمها عن الكاتب الامريكي ستيف ستف عن السينوغرافيا الذي يقول فيها:
(لسنوات عديدة كانت هناك مناقشات ساخنة في جلسات مؤتمر معهد الولايات المتحدة لتقنيات المسرح بشأن تعريف السينوغرافيا.
ففي بلدان أخرى غير الولايات المتحدة السينوغرافي هو مصمم مسرحي متخصص في تصميم جميع العناصر البصرية للعرض المسرحي، وذلك باستخدام نهج كوني شامل مفهوم).
ومن وجهة نظري انا ارى ان هناك صعوبة على سينوغرافي واحد يتولى بمفرده تصميم عمل كامل، وسيؤدي ذلك بالتأكيد الى نتائج سلبية على العمل المسرحي في جوانب عديدة منه كالاضاءة، والموسيقى والمؤثرات الصوتية التي بمجملها تعطي تكاملية للعرض وتخلق حالة من شد للجمهور واغراءه في متابعة العرض المسرحي لاكثر من مرة.
ولهذا تم تعديل طرق عمل السينوغرافي في بلدان كثيرة من العالم حيث ليس من المناسب ان يتولى مصمم واحد لما ذكرت من اسباب، لكن بعض جهات الانتاج خصوصا في وطننا العربي ظلت على نفس النهج القديم مراعية في ذلك تقليل الاجور لصالحها على حساب جودة العمل، ولهذا يقتضي في مثل هذه الحالات اعطاء السينوغرافي ما يكفي من الوقت للبحث والتصميم والإشراف على تنفيذ جميع العناصر التي تشكل الإنتاج، غير ان ذلك سينعكس سلبا على العمل برمته.
وفي عودة الى ترجمة محمد عزام الجراح لكتاب ستيف ستف يقول:
(يذهب بعض المنتجين في بلدان كثيرة الجمهور مرتادي المسرح التجاري الى التقليل من اعمال ووقت التحضير للاعمال المسرحية التجارية ما قبل الإنتاج إلى الحد الادنى عندما يكون الدعم المالي الانتاجي قليل جدا مع الحاجة إلى ارباح سريعة.
اما في المسرح الأقليمي عندما يكون الجمهور محدود وهناك حاجة إلى اعمال جديدة بشكل منتظم للحفاظ على عودة الجمهور. وقصر في فترة التحضير لمثل هذه الاعمال ما قبل الإنتاج يضع مسؤوليات التصميم وتقسيمها على “المتخصصين” للتأكد من أن يعطى كل مجال الاهتمام الكامل المطلوب. ونتيجة لذلك فان المصممين وبشكل تعاوني يعملون بنجاح من أجل أن يكونوا قادرين على خلق تصميم متماسك يؤدي الغرض.
وهناك جدل مستمر بين من يرى ان تقسم الاعمال على عدد من المتخصصين في مجال السينوغرافيا وبين من يرى أن السينوغرافي بامكانه تصميم كل عناصر السينوغراغيا والتي تتألف من الديكور والاضاءة والصوت والاكسسورات وايضا تصميم الأزياء).
وفي كتابها الذي صدر عام 2002 تفسر الكاتبة البريطانية (باميلا هوارد) السينوغرافي؟
فتقول:«السينوغرافي بصريا يحرر ماوراء النص والقصة عن طريق خلق عالم نراه باعيننا ولاتسمعه آذاننا».
«السينوغرافيا – خلق الفضاء المسرحي – لا وجود لها في العمل الفني القائم بذاته لوحدها».
وترى الكاتبة البريطانية باميلا ان «السينوغرافي.. يجب أن يكون فنان يفهم كيفية العمل، ودمج أفكار المخرج، وفهم النص ككاتب، وأن يكون حساس لاحتياجات الممثل الذي يواجه الجمهور، وخلق فضاءات الخيال الملائمة للإنتاج».
كذلك ترى ان السينوغرافي عليه «فهم الموسيقى والصوت كموسيقي وملحن، والحركات كراقص، وتأثيرات الضوء والظل كرسام فنون جميلة ومصور فوتغرافي».
وفي موضوع للراحل (الدكتور فاضل خليل) نشر عام 2007 عن السينوغرافيا بعنوان «السينوغرافيا..واشكالات التعريف» عرفها بانها ( فن تنسيق الفضاء، والتحكم في شكله بغرض تحقيق أهداف العرض المسرحي الذي يشكل إطاره الذي تجري فيه الأحداث).
أخيرا أقول: إن الكثير من الاعمال المسرحية التي قدمت عندنا في العراق بعضها اعتمد على افكار المخرج مع المنتج الذي بدوره أخذ دور السينوغرافي، فتعامل مع مصمم الديكور والاضاءة والموسيقي تعامل تجاري، مراعيا في ذلك ضغط الانفاق، ليقدم العرض في النهاية في بيئة فقيرة مما انعكس كل ذلك على جمالية العمل، ولم يحقق الابعاد التي ذهب اليها الكاتب عندما كتب النص، والمخرج الذي جرى اختزال الكثير من رؤاه، والابعاد التي كان يراها ضرورية لنجاح العمل الذي سيجسل بإسمه، وسيكون جزء من تاريخه الفني.
.......
مشاركة
منح
Comments