عزف الحنايا / قراءة حول نص/ غنج الحروف / محمد عبده مهيوب السروري/ اليمن ..........
- وهاب السيد
- 17 ديسمبر 2021
- 2 دقائق قراءة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في عالم الأدب بعامة والشعر بخاصة تظل العلاقة بين الحرف كمعطى لغوي، ومادة للإبداع وبين مبدعه كقوة خلاقة، تمتص من أعماق الثرى عناصرها الأولى وعبر رحلة من التفاعلات المعقدة تتشكل كائنا حيا له خصائصه المميزة وسمته الفريد هذا التشكل الواعي في وجدان الذات المبدعة وفكرها الخلاق بما يرافق ذلك من انتقاء مقصود لمكونات النص كتجل للعملية الإبداعية و فيض مكنوناتها: رؤىً وأفكارًا ومشاعرًا.. هذه التخلق والتشكل يشبه علاقة الثمرة بالشجرة وعلاقتهما معا بالبذرة والتربة ووو في نصها النثري الأجد تضع الناصة الشاعرة العراقية الأستاذة شذى عسكر نجف بين أيدينا بعضا من ملامح علاقتها بحرفها، إذ تكاد تغازله كأنها عاشقة ولهانة، وتهدده في حنان كأم رؤوم في ثنايا السطور وظلال الكلمات، ثم هي لا تغفل عن كونها مبدعة خلاقة واهبة الحياة لهذا الحرف ونافخة للروح فيه ..
[تتغنج حروفي البهيات
بضوء الوقت
حين أغمره باللهفة
اتمسح باعتابه كرذاذ مطر
واتدلل كأني اخر النساء]
في عالم العشق ومخاضات الإبداع تمتزج معاني الحياة في سعادة القلوب المحبة وتساميها.. فيتلاشى "الزماني" مفسحا المجال لفيض التلاقي "المكاني" ولهفة الإمتزاج تسري فيه وتمنحه من نداها نضارة، تمسد أوجاعه بعزف ناياتها، تأسو جراحاته بلهفة شوقها فتخضر عندها اللحظة المشدوهة وتنفض عنه غبار الفقد وكدر الفراق..
[أمسد اشجانه بحنان النايات
تتراقص نغماته اجنحة فراشات
اتسلق أغصانه
اداعب الورق الأخضر
انفض غبار الاسى المتكدر
فيتألق الاخضرار]
في النص الكثير من التراكيب اللطيفة والصور الفنية الرائعة ... فمن "ضوء الوقت"،تمتد يدها "تمسد الأشجان" وتغدو "الأنامل مشدوهة" وهي تعزف على"أوتار الوجع"والفراشات فرقة راقصة جذلانة... " حنان النايات" تعبير جميل ،رقيق .. و"أغنية أجهضت " استحضار لعوائق الزمن في ماضيه المؤلم مذ كان ظرفا لتشظي الحلم وإجهاضه،، والتي أبرزته الشاعرة في الآني اللحظي بأنه " ضوء الوقت " ينسج "باهيات الحروف" ...
[أدندن بلحن اغنية أجهضت
حينها وجدا
في غير مواسمه
مواسمه تنتظر شذاي]
هكذا يغدو الحرف كما تخاله الشاعرة ملاذا لها من عوادي العذل وحقد الأنفس التي تمتد بفسادها حائلة دون سعادتها... ك"غربان" تحرس جدارات الأمال وتحاصر حتى الأوهام وتغتال الأحلام ، برغم ذلك كله تعلنها مدوية "
[سأتشبث بظله] ظل أمل طال بها انتظاره ترسمه بحرفها وتغنيه بلحن كلماتها في غير موسمه..
النص زاخر بعطاءاته: لغة سلسلة، وأسلوب رقيق، وصور فنية وانزياحات دلالية، وتعابير عذبة.. وكذا جرس خفيف النبض لذيذ الوقع.. ينم عن مقدرة الشاعرة الفذة ، وحسها المرهف.. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ب محمد السروري ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Comments