top of page

عزف منفرد/ قصة قصيرة / للكاتبة ابتهال خلف الخياط / العراق ,,,,,,,,,,,,

  • صورة الكاتب: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • 12 أبريل 2021
  • 3 دقيقة قراءة

قال : أنتِ غير موجودة عليك ان تصدقي ذلك ..لقد صنعك عقلي في عالم وحدتي كي لا أنسى الكلام و الإحساس بالحب فالسجن الانفرادي وضع فظيع جدا , عليك أن تفهمي ذلك. قالت: أفهم ماذا ؟ لكنك تحدثني الآن فكيف لا أكون. قال: سأتوقف عن حواري معك وأمتنع عن إحساسي بك وبرؤيتك فصدقا أنا لا اؤمن بالأشباح , لا أعلم إلا هذه الحقيقة . ربما أكون حينها قد جننت هههه . أنا حر الآن لست مسجونا ولا أحتاجك. قالت : لكنني أحبك جدا ولن أبتعد عنك. قال : لن تبتعدي ؟! أنا من صنعتك وكما أحب وأريد وحتى تفكيرك و أحلامك و ما ترتدين من ملابس وكيف تضعين مكياجك . لا وجود لك فانتهي. قالت: لا يهمني ما تقول لأني لا أفهمه ، فقط أحبك. قال : في محاولة كي لا أجعلهم ينجحون في تدميري في ذلك القفص الحيواني ومن حولي أقفاص القردة والكلاب والطيور وأنواع كثيرة من الحيوانات التي كانت تتعالى صراخاتها في رأسي ولأيام عديدة وليال طويلة أظنها أعواما وليس ثلاثة أيام كما قالوا لي حين أخرجوني , كان علي أن أنجح في الحياة القصوى , أقصد أن أحافظ على عقلي ففكرت بكتابة خطوطا لحياتي وأحلامي التي لم أكن أظنها ستتحقق ، أشياء كثيرة تبدأ بإسمي وعمري وماضٍ مختلف ونجاح مستمر وحتى غيرت شكلي ، كما نوع دراستي ووظيفة وبيت وأصدقاء ، صرت أشعر بقوة هائلة ، أردت أن أصنع أبوين وأخوة لكنني فكرت باستحالة كل ذلك , فقط ممكن أن أصنع امرأة لأنني في سن الثلاثين وأحتاجها أكثر من غيرها ، اجتهدت كثيرا في صنعك ومزقت الكثير من الصفحات حتى اكتملتِ كما أنتِ الآن و ما أروعك ! هكذا صرنا معا نعيش في دفتر واحد عنوانه يحتوينا ولن تنتهي سعادتنا إلا معا . قالت: كم يعجبني ذلك كله . قال: لكنه جنون . لا يمكن أن تكون حياة . قالت: ولهذا رميت دفترك لتجعلني أخرج منه ؟ قال : أجل . لقد اكتفيت من الوهم إنني الآن رجل عجوز وأعيش لنفسي براتب يكفيني فما معنى أن أتعلق بكِ؟ إنك كعاهرة تنتظرني كل يوم لتقوم بعملها . قالت: لن أسمح لك بأن تحدثني هكذا ، إن صنعت مني عاهرة فتلك مشكلتك وحدك ، لأنني قد خرجت من قبضة قلمك ولن تسيطر علي. قال: مستحيل . أنتِ ملكي وقررت أن لا تكوني . قالت: حاول فقط أن تكتب ، إرفع دفترك عن الأرض أيها العجوز وسترى. ( أمسك بدفتره وتلفت باحثا عن قلمه بغضب ) قال : أين قلمي ؟ هل ترينه؟ قالت: أراه ؟ وهل أنا موجودة عزيزي ؟ عليك أن تعترف بوجودي كي أعينك . قال : ههههههه أراكِ تنتصرين عليّ . هيا أين هو؟ قالت: إنّه في داخل الدفتر. قال: نعم نعم كبرت كثيرا ومازلتِ شابة تنعشين ذاكرتي كيف سأمحوك ؟ فوجودك يهين عقلي لعلمي أنني وحيد . قالت: ليس شرط الجنون بوجود أرواحا تتقرب منك لأنك تشبهها قد أكون روحا هائمة حضرت هواجس محنتك فبقيت قربك ؟ قال : حقا ؟ هل ممكن ؟ قالت : ممكن جدا ومسألة أنني شابة تستطيع أن تغيرها في دفترك لتجعلني أكبر في السن معك . أحببتك و أحببت وجودي بقربك , كانت سنين طويلة . قال : فكرة جيدة , لكن لن أجعلك تبدين مسنة ..هههه. (كانت تنظر إليه بصمت وهو يمسك بالقلم ويبدأ بشطب صفحات عديدة حتى وصل إلى صفحة ما فصاح : ها هي هل تذكرين حين أخرجوني من القفص وأعادوا إلي إنسانيتي , لم يضعوا من ظلمني فيه بل اكتفوا بإطلاق سراحي وبأن أصمت فوافقت و أخذت المال الذي أسكتوني به ومضيت معك حيث هنا , ياله من صمت ولولاك لكنت انتحرت .. إنني آسف إن فكرت بالتخلي عنك , إنما هي لحظة هلع وكره لكل شيء عزيزتي , فاغفري لي فما أنا إلا مجرد إنسان يعيش في قفص أكبر قليلا من قفصي ذاك. قالت : أعد كتابة ذكرياتك معي بسعادة , اصنع حياة أجمل. قال: لكنها لن تزيد عني وعنك فلا وجود لآخرين من حولي ..هل أصنع أولادا وحديقة أزهار وبيت واسع و أشياء كثيرة لأعود فأفقدها , فلو كان لي أولادا كنتُ سأراهم بقربي و أحفادي أيضا . لن أصنع المزيد فكل شيء عداك سيكون ألمًا فقط وسأضطر لأن أدبر لهم ميتة ما أو هجرة بعيدة بلا عودة . قالت : أمنياتك لها زمن بعيد جدا وكما تقول لتكتفي بي فقط فكلانا بداية ونهاية . قال : يالها من جملة , أجل سأكتب عني وعنك فقط وبأجمل أيام و أعذب الليالي وسنجلس نتسامر وأجعل رأسي في حضنك وتُقبلين جبهتي , وحين أموت ستكونين حرة. قالت: بل سأموت معك عزيزي. ابتهال خلف الخياط القصة الفائزة بالمركز الثالث لعام 2021في مهرجان همسة الدولي\ القاهرة \ جمهورية مصر العربية.


 
 
 

تعليقات


Drop Me a Line, Let Me Know What You Think

Thanks for submitting!

© 2023 by Train of Thoughts. Proudly created with Wix.com

bottom of page