قراءات نقدية في منجز الروائي حسن البحار /الناقد قاسم ماضي / ديترويت/ اميركا ......
- وهاب السيد
- 19 أغسطس 2022
- 4 دقائق قراءة
قصص القاص " حسن البحار " تقدم للقارئ مشاهد يمكن ل
ها أن تحدث أو حدثت في يوم ما لكنها وقفت في الذاكرة .
وقعت بين يدي مجموعة قصصية " طبعة أولى " للقاص العراقي " حسن البحار " ويشاركه فيها القاص " علي البدر " وبعد القراءة والتأمل إخترت الكتابة عن القاص والروائي " حسن البحار " وهو روائي وقاص وله عدة روايات ومجاميع قصصية .والذي شدني بجميع قصصه المعنونة في هذه المجموعة ومنها " هايدي .. بحر في إسبانيا ، الذاكرة ، حُلم ، تمثال أصفر ، العاصفة ، الهارب إلى النار وغيرها من القصص " وهناك الكثير من العنوانين في هذه المجموعة .
" إنه أمام نافذة تطل على البحر ، الباب مفتوح من ورائه " ص98
يقول الناقد الدكتور " جاسم الخالدي " إن جل ً ما ننشده في الدرس النقدي الجديد أن يكون شريكا للمبدع في ما يكتبه ،ومُوجها له ، لا قامعا ً أو سيفاً مسلطاً مثلما يفهم ذلك بعض النقاد حتى يضيقّون على المبدع ويُحدون من مناطق إبداعه ، أو مثلما يضيئ بعض الكتاب ، أن الناقد مبدع فاشل شاعراً كان أم ساردأ ً ، فكيف لفاشل ان يعدل خطًاً ابداعيا ً ، ويهبك نظرية نقدية "
عوالم كثيرة بل متعددة تنساب إلى قلوبنا التي صدأت بفعل الكثير من المشاكل يخوض فيها السارد " البحّار " وكأنه يفتش عن أسرار غريبة في واقعه وذاته التائهة بهذا العالم ،وقد جمعت قصصه التي تمعنتُ فيها وحركّت الكثير من الهواجس المختبئة بين ثنايا الصدر ، بين الحقائق الموضوعية وبين الصياغة الفنية وهو يلقي الأضواء على الحوادث التي مر بها عبر رحلاته الكثيرة التي قضاها في عالمه وهو عالم البحار ."
ها هو الآن عاشق منزو ٍ في محرابه أمام كتاب ويرغب أن يكون في مكان آخر ، يجعل بينه وبين الصفحات مسار طريق واضح من غبش السطور كان يقرأ إنه أمام نافذة تطل على البحر ، الباب مفتوح من ورائه " ص98
أو كأنه يخطط لعالم جديد في مكنوناته الداخلية التي جعلته بحّارا في هذه الحياة .هذا السحر الذي يناغمه عبر منلوجات داخلية يقشعر لها الجسد ، وبحر زرقته تثير فيك هذا الفرح الإنساني .وبلغة شاعرية عذبة مقتضبة فيها من الوصف الكثيروكأنه يرسم لقطاته عبر كاميرا حديثة التقنيات متماشية مع هذا العصر الجديد الذي نعيشه إرهاصاته .
يقول " لا أرى من تلك اللحظة إلا الطريق الأزرق الطويل ، تلك الموجات العالية لاهثة خلف الهواء ، القصيرة منها متموجة راقصة " ص69
هذا الإندهاش في قصصه القصيرة والقصيرة جدا ،و الذي يجعل منه سردا واقعيا او لربما خياليا محاولاً بذلك الاثارة أو الإمتاع أو تثقيف القراء الذين يرسمون احلامهم على ممارسة البحث والتنقيب ،وهنا أؤكد قول الكاتب " ربوبرت لويس ستيفنوس " وهو من الرواد المعروفين في مجال كتاب القصة .
فقد يأخذ الكاتب " حبكة " ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها ، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي ُتنّمي تلك الشخصية ، أو قد يأخذ جوا معينا ويجعل الفعل والاشخاص تعبر عنه أو تجسده .
"كان يريد أن يتيح للبحر متابعة ضحكاته ، تضاعف الإحساس بالراحة ، قطع صمته الثقيل " ص89
سره العجيب في هذه المجموعة إنه ساعيا إلى كتابة الطبيعة أو كتابة السفر مازجاً أياها بكتابة السيرة الذاتية له ، مستخدما في أكثر قصصه تقنيات الخيال الذي لا يتوقف في عمله لإيصال المعلومة عبر إستخدام دقيق وما يملكه من مهارات للكلمات التي أراد ايصالها إلى القارئ . كي يدخل القارئ المتابع إلى قصص " البحار "عبر آليات عديدة لا مثيل لها لأنها تحفز وترسم الكثير من الطلاسم والأحلام أو الرؤى ذات الألوان المعجونة بطقوس البحر الذي عرفها وتمعنَ فيها وعاش تفاصيلها منذ سنوات ليست قليلة .محاولأ اعطاء في مجمل قصصه زخماً دلاليا ً وفنيا أسهم في نقل صوره على أكمل وجه .
وهنا يقول " في نهار أول صيف اسبانيا رسمت الشمس بهجتها على البنايات العالية الملونة ، على الطرقات طرزت ثوباً من الذهب وصلت الميناء : ص69
ومن المعروف لدى المشتغلين في هذا الحقل أن للأدب القصصي علاقة وطيدة بالأمم من خلال منطقها العملي باعتباره عنصرا من عناصر الثقافة التي ترسم التوجه الحضاري لأمة معينة ، فإشتغل " البحار " بروح شفافة عالية أراد إستقطاب قارئه من خلال مجهوده في قصصه المحملة بالموضوعية والحكمة والدراية مؤكدا بذلك فإن كل أديب ينطلق من ثقافة مجتمعه ، فتجد في قصصه " رثاء الضحك ، الأفق ، محظوظ على قيد الموت " وغيرها من هذه القصص فهي ذات أغراض تثقيفية وتهذيبية نابعة من وجدان الكاتب .
" إنقطع عن الابكاء ، سرً برؤية البحر ، نشر ذراعيه ، أزاداد انتطاره داخل صمته كان يريد أن يتيح للبحر متابعة ضحكاته " ص89
ولهذا أجده في هذه القصص كأنه مرآة صادقة للحياة الحديثة التي إنطلق منها باعتباره سائحا متجولأ يدور بين ظهرانينا ، وهو يعاني ضغوطها فرسم له طريقا خاصا متنفساً له حتى يشق هذه الضغوطات التي تزاحمه .ولهذا تعتبر شخصياته لها خصائص حقيقية من خلال افعالهم أو كلماتهم التي نسبها اليهم ،وهو يصل الى هدف معين في كل قصة من قصصه فنجد في قصة " أحلام " النسوة وأرتداء السواد والوجوه الباكية وكل شيئا يثير فيك هذه الدهشة لما فيها من عناصر تظهر فيها شخصية البطل أو تطور الأحداث أو الجمع بين الشخصيات والأحداث رغم قصر القصة .
" دون جدوى كان يحاول الحراك فوق أرض متراخية كسول ! " ص86
فالقاص والروائي " حسن البحار " سيطرته على معظم نصوصه القصصية في هذه المجموعة وأمسك بخيوطه بمهارة ، عبر لغة سهلة وعميقة تثير فيك الكثير من التساؤلات ، وقد تعمق في سرد نصوصه حتى وصل إلى أغراضه . محاولا بث ما يملكه بين طيات قلبه المشتعل الذي إنطلق منه لأيصال صوته .
" رأيت سهماُ يشير إلى جهة البحر فكرت ُ ، هذا الرمز لا مفر منه ، سأعبر إلى الضفة الأخرى " ص84
يقول عنه القاص " ابراهيم سبتي " انه يصنع فضاءاته الخاصة به وبالتالي صار اسلوبه متميزا عن اقرانه يهتم كثيرا بالتفاصيل التي يهملها البعض من الكتاب ، فهو قاص وروائي ، عضو اتحاد أدباء وكتاب العراق ، عضو البيت العراقي التونسي ، عضو رابطة بغداد الثقافية ، رئيس مجموعة الثقافة هي الحل . نشرت له الصحف والمجلات العديد من القصص والقصائد ، نال شهادات تقديرية ودروع الإبداع والتميز .
قاسم ماضي – ديترويت
Comments