قراءة نقدية للدكتور هاني عقيل في نص ملحمة نسائية للشاعر صباح الجميلي / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- 16 نوفمبر 2021
- 3 دقيقة قراءة
الشكر والتقدير والاحترام للشاعر والناقد الكبير الدكتور هاني عقيل على دراسته النقدية لقصيدتي ( ملحمة نسائية ) .
للمرأة تاريخ يتارجح بين ضفتين بين غزل عفيف وصريح فامست المرأة هاجسا بين التصريح والتلميح فمخيال الشاعر لابد له من فكر تصويري وعين مبصرة تتلمس جماليات خفية اسرها الخالق في مكنوناتها فمنذ العصر الجاهلي الى يومنا هذا عبرت المراة محطات شعرية شتى تارة تعرت فيها مفاتنها وكانت سلعة للراغبين يدور بين راحتيها الكأس والندمان وتارة اخرى أُلبست تاج الملك وغدت مليكة تتساقط عند عرشها تيجان الملوك
وبين هذا وذاك من يرى المرأة مدرسة لتربية الجيل فهي بيد تهز المهد وبيد تهز العالم كله وعبر هذا التاريخ الشعري المتناقض في تناول المرأة انبثقت مدرسة شعرية اسسها الشاعر نزار قباني ترى المرأة روحا يسري وكيان ابدعه الرب فاوغل في الولوج داخل عوالمها الجسديةظاهرة كانت او غير مرئية فاخترع لها ابجدية ولغة تُدار بالمحسوس وغير المحسوس واختلف النقاد في تقييم تجربة نزار قباني مابين رؤى جاهلية وهاجس مستحدث
تينك المدرسة النزارية يحلق في فضائها الكثير من الشعراء ومن بينهم الشاعر العراقي صباح الجميلي
فهو شاعر يعتني بقضايا المرأة في منظومته الادبية ويمتلك نظرة واسلوبا خاصا في معالجة قضايا المرأة المعاصرة وهو اسلوب لايخلو من التجديد والتحليق منفردا بفضاءات واسعة رغم تحفظ الشاعر باختيار لغته الشعرية متأثرا بقيمه المجتمعية
صباح الجميلي يمتلك لغة شعرية تتماهى مع رؤى القارئ فقصائده تترسم طريقها نحو القلوب بكل عفوية وبساطة وهذا اسلوب شعري يتماهى ومدرسة نزار قباني
*
للشاعر صباح الجميلي قدرة متفردة في معالجة ظاهرة الانزياح اللغوي
بخروجه عن الكلام المالوف والمتداول وفق الاستعمال المجتمعي الراهن فهو يختار الفاظه بعناية وتدبر ومن ثم يعيد خلقها في تراكيب شعرية مستحدثة وصولا الى تحقيق الجماليات الشعرية للنص النثري الحداثوي
مع توافر الدلالات المعنوية المتجذرة في مكنونات لغته الشعرية
كما في قوله
الى متى كل هذا العناء ْ
وهذا الصراع السرمديّ مع النساء ْ
كل شيءٍ . .... لهُ نهايةٌ
إلا حروبي مع النساء ْ
تبدأُ بثورةٍ...بأنقلاب ٍ
بأمطار ٍ مسعورة ْ
وتخمدُ دون لهفةٍ
دون أشتياق ٍ ...
تهدأُ انفعالات ِ العشقِ
وتموتُ على الجدرانِ صورةْ
.*
الانزياح الدلالي لدى الشاعر الجميلي يظهر لنا قدرته في التنقل بحرية بين المعنى الحقيقي للكلمة والمعنى التأثري وفق سياقات لغوية مستحدثة فتارة يبدل المعنى الحقيقي بمعنى مجازي وتارة اخرة يبدل المعنى المجازي بمعنى حقيقي متداول وهو بهذا يختار لغتة الشعرية لوصف المرأة بحذاقة متناهية وباستعارات تمنح النص رؤى شعرية محلقة
لتبدأ ذاكرتي من جديدْ
على صدرٍ معتقٍ بالياسمينْ
وخصرٍ من حقولِ القطنِ
وواحةٍ بيضاءْ
يتصارعُ في بناءِها
زهر النرجسِ...والمندولينْ
*
للشاعر الجميلي قدرة متفردة في تغيير التراكيب اللغوية المزاحة سواء كان على مستوى النص او الجملة الشعرية مما يساعده في خروج اللغة من ولادتها النفعية الى ولادتها الابداعية وهذا لعمري الانزياح التركيبي بعينه
فمجمل النصوص الشعرية تتسابق للوصول الى تينك التراكيب التي يضمنها الشاعر ويحاول من خلالها ان يظهر لنا حذاقته اللسانية وتقانته اللغوية
وكل نظرةٍ ....
لها الفَ سهم ٍ يرصدُني
وفي كل سهم ٍ الف شرارةْ
شفاهٌ بطعمِ البسكويت
وشفاهٌ لو لامستَ حدودها
طلبت َ اليها اللجوء
واغلاق الستارة ْ
وخدودٌ من صفائحَ عسلٍ
من خشب صندلٍ
وأحياناً سبيكة من سنبلٍ
وهو يمتلك تقنية لسانية تتارجح بين المالوف وغير المألوف مما يمنحنا ايحاءات شعرية فنية واستحضار للغائب وفتح النص على فضاءات واسعة بتراكيب تفتح مغاليق النص النثري ليحلق برؤى شعرية من الاهمية بمكان
فتارة نراه يحذف كي يخلق تساؤلات لدى القارىء وتارة نراه يكثف كي يمنح الصورة ثرائها الفكري والجمالي
بطونٌ من زبدِ البحر ِ
ومتاحفٌ من كهربْ
من جِلد ِ تبغٍ ......
يثورُ رحيقها
وتخدرُ العطورُ على كوكبْ
تنمو بخور ُ الهندِ بين طياتها
وتشتعلُ جذور الهُندبْ
*
اشعار صباح الجميلي تلفت الانظار على مستوى القارئ او على مستوى النقد فهو مجدد مثابر المتتبع لمسيرته الشعرية يؤشر ذلك التجدد في تناول الموضوعات والاساليب وهو شاعر متمرد على رؤى مجتمعه من خلال انفعالاته الوجدانية التي تؤشر رؤيته الانسانية للمرأة والطبيعة
لذا تتعانق المعاني لديه بحميمة وبتحاث شعوري مع كل مايدور حوله
*
شكري وتقديري لنصه الباذخ (ملحمة نسائية )
شكري وتقديري للشاعر صباح الجميلي وثقته برؤانا النقدية
الناقد
هاني عقيل / العراق
أعجبني
تعليق
مشاركة
تعليقات