قصة قصيرة / حديقة شهريار / للقاصة ابتهال خلف الخياط / العراق .............
- وهاب السيد
- 29 أكتوبر 2022
- 2 دقائق قراءة
حديقة شهريار
قصة
مازال شهريار يجلس على عرشه متحكما بأمره وذاك الجلاد المسرور دائما في كل زمن ، الماضي منه والحاضر و ربما المستقبل أيضا حاملا سيفه الأسطوري الذي مارس سطوة الملك على رقاب العرائس. تدخل شهرزاد المتعبة بسرد الحكايات منذ دخلت قصره شابة مفعمة بالغيث الدنيوي وجمال الروح والمنطق الذي جعلها على قيد الحياة دون كل العرائس على فراش شهريار ، لقد شاخت وبدا الزمن يقاسي من على شفتيها سرد حكاياته .
قالت تحادث نفسها: هل حكاياتكِ ياشهرزاد تناسب هذا العصر؟ لقد ملَّ الملك من ماترويه فهو الآن ملك عصري يرتدي البدلة الفاخرة من صنع غربي وعطوره فرنسية وأنتِ يا شهرزاد عجوز عربية ! وما يفعل بقطع رقبتي الان لقد فات الاوان . و تبسمت مع نفسها .
قاطعها الملك وكأنه قرأ أفكارها : شهرزاد تعالي معي نذهب إلى الحديقة لقد اشتقتُ إلى تلك الأشجار المزهرة بروعة الشباب !
اهتزت شهرزاد وتغير لونها ولكنها قالت: أجل مولاي كما تريد لنذهب . دخلا الحديقة الخاصة بالملك فقط ولكن الملكة اليوم معه تسير و خافقها يرتجف من هول جمال الأشجار ، تلك الأشجار التي ارتوت من دماء العرائس المذبوحات على فراش الملك ، كل شجرة تحمل اسم الفتاة التي دُفنت تحتها ولون الازهار بلون أبيض مُطعَّم بالأحمر وكأنه يتحدث بكلمات سحرية عن قصة العروس المدمية فتلك الشجرة سحر وتلك قطر الندى وتلك عيون المَها وتلك.. وتلك. حديقة كبستان الجنان ولكنها بستان للاحزان (قالت شهرزاد) كان صوتها عاليا دون أن تشعر فسمعها الملك.
نظر إليها طويلا ثم استدار ليخرج و هو يقول: لا تخافي يا شهرزاد لن أقتل المزيد منهن لأني أبكي الآن شبابي وصباي فليت أيامي تعود.
خرجا من الحديقة يتبعهما الجلاد المسرور ممتعضا لطول الانتظار فالسيف يحب العمل فلابد منه (قال مع نفسه المسرور). هنا جاء الحاجب ليقول : مولاي جاء الصحفي يطلب الإذن بالدخول إنه موعده للحديث معك.
فأجابه شهريار: ليدخل ربما لديه ما يؤنس ذاتي الهرمة .
دخل الصحفي وكان شابا وسيما تعدى العشرين من عمره بقليل فألقى التحية على الملك فأشار له بالجلوس وقال للخادم : قدم له الشراب .
تحدث الملك قائلا : ماعندك؟ (وهو ينظر متمعنا بجماله وشبابه) .
أجاب الصحفي: مولاي الناس في الخارج يشكون العطش وقلة الخير والتجارة وموت المزروعات ، و المواشي عندهم تهلك قبلهم و الوزراء لايملكون حلولًا لأي مشكلة ورأيت أن آخذ منك حديثا يطمئن الشعب ويكون النشر قوة لك عليهم فيثير وجودك وسطوتك وليس سطوة الوزراء.
حينها فكر الملك فقال:" ههههه المسألة ليست عند الوزراء بل عند الشعب دائما عند الشعب الحل !"
صاح الملك : يامسرور تعال لأَسُرّك . إقطع رأسه ولتكن فوقه أول شجرة بباب القصر . منذ اليوم سيكون لك رؤوس الشباب من هذا الشعب. ليس عليكم الشكوى ، ليس عليكم إلا الرضا بما نعطيكم.
انتشى شهريار وهو يرى دماء الشاب تسيل أمامه وكأنه استلم روحه وعنفوانه فقال: اليوم ستكون لي عروسا جديدة وأخذ يضحك بجنون .
كانت شهرزاد تسمع وترى من خلف ستار وهي تبكي ذاك الشاب فقالت ولكن بدون صوت يُسمع : بل اليوم يوم موتك وسأكون جلادك !
عند الصباح وصياح الديك المباح كما يصيح عند كل قصة تقصها شهرزاد .. علا صوت البوق ليعلن وفاة الملك شهريار.
.
ابتهال خلف الخياط
من مجموعة كوابيس بغداد
لوحة لبيكاسو
Comments