مشهد من مسرحية.. (رسالته الاخيرة) / للكاتب جبار القريشي / العراق .....................
- وهاب السيد
- 3 نوفمبر 2022
- 3 دقائق قراءة
. المسرحية.. مستوحاة من رسالة مقاتل مرفقة في أسفل المنشور، كتبها لحبيبته قبل استشهاده في معركة نهر جاسم عام ١٩٨٧.
(يعاود الظلام يلف المسرح، حزمة ضوء تظهر لنا موضع قتالي، محاط بأكياس رمل، جنديان بكامل تجهيزاتهم العسكرية القتالية، بالقرب منهما صندوق عتاد خفيف، ومجرفة ومعول، كل ممسك ببندقيته ومصوبها تجاه العدو، لحظات هدوء قبل المعركة، فجأة ويضاء كامل المسرح بتأثير خارجي.). سعيد: هاي خامس قنبلة تنوير يطلقهه العدو خلال ساعة. حسن: إحتمال يتعرضون على قاطع لوائنا الليلة. سعيد: المبلل ما يخاف من المطر، تعودنه على تعرضاتهم. حسن: الى متى نبقة عايشين برعب، إجاك الذيب، إجاك السبع. آني قررت هالمرة إذا الله خلصني ورحت مجاز، أبدا ما أرجع بعد. (سعيد.. مستغرباً). سعيد: تهرب يعني!؟. حسن: إي أهرب، حتى لو أحفرلي حفرة جوة الگاع أختل بيهه، ولا أرجع لهنا، يمعود، كل لحظة أموت الف موته، هيه هاي عيشة. سعيد: اليوم شنهي سالفتك حسن!؟، أشو مو على بعضك، معقولة!. تدري آني معنوياتي كنت أستمدهه من عندك، شنو اللي صار!؟. (حسن، بصوت فيه غصة ومرارة. ) حسن: يا أخي مليت، سنة سنتين، هاي إحنه راح نطب بالسنة الثامنه، والحرب ما زالت مستعرة، خلصت أعمارنه خوف ورعب، أحلامنه إحترگت حلم ورة حلم، إذا ما تموت اليوم، تموت باچر، يا أخي.. الى متى؟. (من المذياع تنطلق أصوات زقزقة عصافير إيذانا ببدء بث برامج إذاعة بغداد ليوم جديد، تلوح خيوط الصباح) . سعيد: الله، إشگد مشتاق أسمع زقزقة عصافير نبگة بيتنة، ودعاء أمي وهية تصلي صلاة الفجر. حسن: الحرب ملعونة سعيد، حته العصافير هججناهه، أجبرناهه على ترك أعشاشهه والهجرة خارج بيئتهه. يا أخي، الحرب مهما كانت نتائجها قذرة بكل المقاييس. (يسود الهدوء في المكان لبعض الوقت.. سعيد.. يخرج خصلة شعر من محفظته، يشمها لعدة مرات، ثم يعيدها لجيبه.). حسن: معقولة!، ها لگد تحبها ؟. والله خبلتني. سعيد: ليش أكو حدود الحبها. حسن: يمعود، تلگيهه هسه غاطة بسابع نومة، وإنتَ ما تمر لحظة إلا وتلهج بإسمهه، فكر بنفسك يا أخي، عوف الحبيات مالتك، هسه إحنه بياحال، ما ندري بأي لحظة نموت، مو وكت حب ورومانسيات يا سعيد. (سعيد.. مندهشاً) سعيد: تحچي صدگ حسن. حسن: طبعا صدگ، لعد شنو دأشاقة. يا أخي الموت لا زم سيفة على رگابنه، كل شويه وگاصبلة واحد، وانت عايش بغير عالم، ما تفهمني شبيك؟. (سعيد..يضحك.). سعيد: كلهه تموت، إله آني ما موت. (حسن.. هازئا). حسن: ليش يابه ما تموت، شنو عزرائيل گرايبك. (سعيد..يضحك). سعيد: يول.. آني محصن بالحب، وبدعوات هيام، إنتَ مو تگول هسه غاطة بسابع نومة، لا آني أأكدلك، هسه هي سهرانة، لو تصلي، لو تقره قرآن، وتدعيلي، شنو رأيك؟. حسن: أيباه، شگد غشيم لعد، تدعيلة الأفندي. يابه أگصهه ليدي،إذا ما تلگيهه هسه اتابع فلم السهرة، ومن ينتهي البث الساعة بالثنعش، ويطلع السلام الجمهوري، تخمد وتنام. عمي يا صلاة، يا دعاء!. بابة لا تبقة فقير ومن أهل الله، نظف عقلك. سعيد: حسن، إنت ليش اليوم شان حملة على هيام، مع العلم هية خطية كل رسالة تجيني من عدهه، قبل ما تسلم عليه تسلم عليك، وأول ما تشوفني تسألني عليك، ليش تصير بذات؟، هيچ تجازيهه. حسن: سعيد..آني ما أقصد أسيء الهيام، لكن الظرف مو مال حبيات اخوية العزيز. سعيد: شوف حسن عزيزي، ذولة إثنين أبد ما بطل أفكر بيهم لو حته إذا الموت جاثم على صدري، يا أخي مو بيدي.. أحبهم، وحبهم يسري بدمي. حسن: أكيد أول واحد آني، وبالطبع الثاني هيام. سعيد: إنت بالله أربعة وعشرين ساعة يمي، ما حاجة أفكر بيك. حسن: آآآ..هيچي!؟.. لعد منو هذا سعيد الحظ اللي تفكر بيه غيري وغير هيام، وانت بحلگ الموت!؟. سعيد: الوطن. (حسن.. مستغرباً.). حسن: الوطن.!!؟، معقولة!؟. يول إنتَ مخبل!؟. آني عبالي تگول أمي، أختي، الوطن شنو؟. الوطن بحالي بحالك، أشو قطعة أرض ميت متر ما نملك بهذا الوطن، وغيرنه عقارات وبيوت وبساتين، دعوفك يمعود من الوطن. سعيد: لا حسن، إنت متوهم، بدون وطن ما كو حب، ماكو كرامة، ما كو معنى لحياتنة، والعلمك، إذا حطوني بين خيارين، بين أن أختار الوطن، لو أختار هيام، صدگني ما أختارغير الوطن. حسن: ها لله.. ها لله. هاي شنو الوطنيات اليوم اللي نزلت عليك فجأة. سعيد: شوف حسن.. لعلمك، تره آني وطني من يوم اللي جابتني أمي للدنية، وفوگ هذا، حبي الهيام عمق بگلبي حب الوطن، يا أخي الحب خلاني أشوف الدنية غير شكل. حسن: وشجاب الحب عالوطن؟. سعيد: إذا آني وإنتَ وغيرنه ما نحب الوطن، الوطن يصير ماله قيمة. ( حسن ممازحاً). حسن: على كلٍ. هسه إحنه ما فتهمنه، اليوم هايج بيك حب الوطن؟، لو حب هيام؟. سعيد: إثنيناتهم. (فجاة ويدوي في المكان صوت قذيفة هاون معادية، ويتعالى دخان وغبار في المكان..). ...... للمسرحية بقية.
Comments